الأحد، 17 نوفمبر 2013

15 يوم

هذا ليست له قائمة ادوية نشتريها و اعراضه الجانبية لا نتلافاها.
الحب شئ سيئ جداً حين تريد التوقف عن تعاطيه. انت فى البداية تصاب بصدمة عدم تصديق ، ثم تنهار ، ثم تغضب ، ثم تكتئب ، ثم تغضب ، ثم تنهار مرة أخرى،ثم تصاب بنوبات ضحك هستيرى و سخرية ، و مرحلة السخرية هى مرحلة منتجة جداً ، انت تقدم دعماً معنوياً لجميع المجروحين او الذين لا يدخلون مرحلة السخرية على الاطلاق و يظلوا حبيسين فى مراحل الغضب و الحزن .
انت بخير ، لقد تخطيت اشياء سيئة كثيرة ، و لم تتوقف عن الحياة من قبل ، و صراحة لست من النوعية التى تنتحراو تتحطم او تموت ، ان معدتك تشكو و قولونك يهدر و تنام بصعوبة و تستيقظ بصعوبة اكبر و بدأت فى ممارسة بعض السلوكيات التدميرية للذات لكنك استعدت رباطة جأشك و قمت برحلة تسوق ناجحة مع صديقتك و التهمت طعاماً صينياً..فى ايه بقى ؟
تعود للمنزل ، تستقبلك نظرات امك . لا يوجد ارتياب فى نظراتها  ، لا استفزاز كعادتها..بل عطف.انها تعرف .
تدمع عيناك شفقة على نفسك ثم تكره نفسك جداً و تضحك ساخراً.
الكثير من الأغانى العربية تتحدث عن الحب الذى لا يمكننا تخطيه و هذه دعابة ، ضحكت كثيراً على كلمات الأغانى فى محلات الثياب ، مقدرش اعيش من غيرك ، انا مفشوخ فى افكارى آحبيبى ، مش قادر ابعد ديك ام خيالك عن عينى ،انت تعرف انها دعابة لأن الحياة تستمر و لأن خلايا جسدك كلها تتجدد ، ماعدا-لشدة السخرية-قلبك وخلاياك العصبية. ما يحطمك بالفعل هو (الترانس) المستمر فى المحلات البرجوازية زيادة عن اللزوم ، انت تكره الترانس لكن هو يحب الترانس ، ولذلك تلمسك تلك الموسيقا الرتيبة و تبتسم غصباً عنك.
بعد ان انتهيت من رص الكلمتين و انفجرت بكاء من قسوتك على صغيرك اصبحت كل الأشياء سفيهة باهتة تافهة..بل تشعر انك تسامحه و ان الحق معه ، و ان الحق مع كل الناس .انت تشعر انك كخيال مقاتة يعبر الأولاد من خلفك ليضربونك على قفاك و لا مشكلة فى هذا، ثم ان القفا جاء من اكثر رجل احببته فى حياتك فهو على قلبك زى العسل، و يجعلك هذا الاسبوع الاسود تريد ان تقتنع و ان تصدق و ان  تشعر انكما لم ترتبطا يوماً، انت تنظر الى رجلك المبتورة على المنضدة و تحاول بهستيريا ان تعيد لصقها حتى تكتشف انها انفصلت و ان هذا غير ممكن بعد، تخفى امنية ان يأتى يوماً ما متراجعاً راغباً فى عودتك الى موقع الحبيب فى حياته ، تسرح لمدة خمس ثوان ثم تمنح نفسك قفا معنوى و ربما مادى و تشد ملاءة الفراش كى تغيرها و تنام على ظهرك و تتأمل السقف.تحاول ابتلاع غيرتك بجرعات من زجاجة سفن اب فى الثلاجة ،
الغيرة بدون الانخراط فى علاقة ، سواء قبلها او بعدها او بعدم الاعتراف بها ، اشبه بمسدس بماسورة مقلوبة يطلق الرصاص نحو صدرك مهما صوبته للأمام.
تتمنى لو كلمته او اخبرته انك تحبه جداً و انك تقول أى كلام وانك لم تتخطى أى شئ ثم تشعر انك اهبل ، و ربما لا يجب ان تقاوم ذلك الاحساس بالانجراف بعيداً.
تنام فاقداً الوعى من ألم ساحق فى بطنك ، تشعر انك محظوظ انك تنام كالجثة كل يوم بلا افكار ولا احلام . الأحلام و الخيالات هى رفاهية من يملكون الأمل، خليك فى كوزك  و توقف عن المقاومة و اغرق و انت ساكت .
قال 15 يوم ؟ فليكن .

الاثنين، 4 نوفمبر 2013

Requiem

اتهشم.
و طعم الويسكى سيئ جداً ..جداً.
انا لا آكل ،الذى أفعله ليس التهاماً، أنا اسد شعوراً وحشياً فى امعائى. لا امضغ حتى.
اصبت بغثيان.أليس الغثيان أفضل من غثيان النفس..أفضل من شعورى بالإشمئزاز من نفسى ؟ خطأ..خطأ. غثيان الجسد ضعف لا مثيل له..هشاشة و عُرضة للموت و المرض.
تمددت على الأريكة ، سجيت نفسى فى حضنها لا أعرف ماذا ينبغى على أن أفعل.لابد أن اعود للبيت ، وأنا لا استطيع أن انهض على قدمى .
 شعور سيئ جداً لا أريد تجربته مرة أخرى . أى خراء فى العالم أفضل من الشعور بفقدان الحيلة و الدوخة و الرغبة فى القئ و الإستسلام. كأننى ، دون كحول ، كان ينقصنى دافعاً آخر كى أستسلم.
قلت لها: الإستسلام شئ إرادى..ربما ما يدفعك إليه أكثر من اللازم، لكن هناك حد فاصل صغير بين الموت و الحياة ، بين تلك الثانية التى تخترق فيها الرصاصة جمجمتك و ما قبلها..هناك حد فاصل بين الانهيار التام و الانتصار التام. لكن دعينى اخبرك بشئ . أن تؤذين نفسك هو ان تخسرى كل شئ. أن يبدأ جسدك فى التمرد على غباءك الشديد ، و يبدأ فى الشكوى ، و تبدأ معدتك و أمعائك فى الهدير بعنف صارخة فى وجهك.
نظرت الى وجهى..ارهاق قاتل . اننى اقوم بمخاطرات جسيمة بجسدى من أجل أشياء أخرى.لماذا أؤذى نفسى دائماً حين يشتد إرهاق روحى ؟  لماذا فعلت هذا؟
**
حتى الرب الإله يحتجب كالعادة.ظلام لا نهاية له.سوف اقول انك تحتجب كما تحتجب دائماً. أبحث عنه فلا أجده.
هيكلك الذى لى يصرخ اليك يا الله . اتكور على نفسى فى الفراش. الم أحشائى لا يحتمل و شعور بالعجز و التعاسة.شعور بالكراهية يكتنفنى.أشعر كطفل تركوه فى مهده وحده، ينادى أشخاص غير موجودين. أدفن وجهى الساخن فى الوسادة.
قال لى اليوم السابق: الحنجرة البشرية لديها روحاً خاصة بها..لا شئ يشبهها .ذلك حين كان الأرغن فى تلك الكاتدرائية العريقة يملأ الهواء بضوضاء منغمة.تعلقت بذراعه و شعرت ان نغمات الارغن تثير اعصابى..انها تصرخ بعنف جنائزى ، كأنها تأمرنى أن افلت يده. لهذا رحبت باقتراحه ان نرحل رغم ان الموسيقا كانت تجذبنى الى بئر مظلمة مريحة.اتكون تلك الآلام جميعاً هى الروح التى تسكن الحنجرة و اذرع العشاق و عيونهم و شفاهم ؟ هل كانت تلك الكوة التى تنادينى هى كوة الموت؟
يكلمنى، لا يطيق ان يكلمنى ، ربما لأننى تهشمت جداً و ان ضعفى يثير اشمئزازه؟ تتصاعد الحرارة فى رأسى، تتصاعد الكراهية كدخان أسود. أتشبث بهدب ثيابه. هو لا يفهم اننى اتشبث به لأننى لا أريد أن تخرج روحه منى. إننى حرفياً أنازع..اموت. جزء من روحى ينفصل عنى وأنا اتشبث به . لأنه حين ينفصل عنى فلن يعود. جسدى يعبر عن رفضه للموت .سوف أكون قاسية جداً ساخرة جداً عندما تنفصل روحه عنى .وأنا لا اريد ان اقسو عليه ولا ان اضايقه ولا ان امسه بأدنى سوء . هو صغيرى و الطيور لا تنتقم من صغارها .
**
المثير للشفقة و السخرية ان نهاية العالم تجعل من نوستراديموس عرافاً. إن صدق نبوءات عن انفصال تراجيدى يصيبنى ببؤس حقيقى . لقد كنت أؤمن و كنت أصدق و كنت أرجو.كلنا فانون ، ولا يعنى هذا اننى لن اقوم بانعاش انسان لمنحه ساعة اخرى من الحياة.كان الجميع ملحدون بما كان بيننا إلا أنا..انا أؤمن.أؤمن.
حرارتى ترتفع .افقد وعيى ، هذا ليس نوماً ، هذه غيبوبة . افقد الوعى بضع ساعات ثم استيقظ فزعة. الم معدتى يخفت.قداس موتسارت الجنائزى لا يتوقف داخل عقلى. حتى فى اعتى لحظات فقدان الوعى . فى نومى .أحلم به يأخذنى..يعيدنى اليه. يضمنى ..يقبلنى .
استيقظ دون أى شعور. كأننى أشعر بالراحة اننى استيقظت. اشعر كأننى خرجت من معركة .ابقى طيلة الليل استمع الى موسيقا..و اشعر بنشوة غريبة .أغفو فى الصباح و صوت العصافير يزيد رغبتى فى الالتحاف و الغياب عن الكون .
إننى أموت و أرحب بذلك. إن معدتى تبرأ، وهذا هو المهم .
أنا لا أؤمن بالروح كى أؤمن بموتها حتى إن كنت أشعر بعنف هذا الموت .



الجمعة، 18 أكتوبر 2013

My almighty freedom حريتى جل جلالها


سوف لا أدع أحداً يشكل وعيى..أبداً.
سوف تكون حريتى حريّة انسان.يحب و يكره و يشعر و يهتم..يخاف و يتردد، يبادر و يتراجع..و يفكر.
لأننا كنا قروداً و لم نعد..و للأسف هذه مسألة لا رجعة فيها ، و الرجعة فيها كارثية و مثية للشفقة و السخرية.
نحن بشر و لتعيننا انفسنا على احتمال بشريتنا.

الخميس، 5 سبتمبر 2013

سباخ بلدى

عنوان سوقى ، اليس كذلك؟ كأن الفرجة على التليفزيون لا تجعلنا اكثر سوقية ، و كأننى لم أر قريبتى الطفلة تقلد طريقة ردح فيفى عبده بمنظر مقزز مؤذى للنظر وسط ضحكات امها الهستيرية الفخور.السباخ البلدى يا سادة هو خراء الحيوانات التى استخدمها جدودنا فى تسميد اراضيهم الزراعية قبل ان يجرفوها و يحولونها الى مبانى ملونة قبيحة ، لست من عبدة الماضى ولا الستينات التى كنا فيها فازات جميلة الشكل خاوية المحتوى لكن بالتأكيد الاراضى الزراعية اجمل شكلاً و اكثر فائدة من تلك المبانى على الاقل من ناحية الفائدة للمجتمع . من يدرى ، ربما المجتمع ابن وسخة بالفعل  كما يقولون لى ولا يستحق اكثر من ان تجرف اراضيه و تجهض اجنة نباتاته ، ومن يدرينى ان تلك الاجنة بنت حلال ، فقد يكون البرسيم يتلصص على زوجة الخس وهى تستحم بالندى و ربما استطاع اغوائها فأنجبا الجرجير مثلاً؟ و بالطبع من الضرورى ان يكون الجميع اولاد حلال ، لقد حسمت امى موقفها فى ثانية عندما مازحتها قائلة اننى سوف اجلب لها حفيداً من علاقة عابرة وقالت : هارميه فى الشارع..هكذا ببساطة .لقد علمتنى دروس التشريح ان جثة ابن الحرام و جثة ابن الحلال  كلها تتشابه و لذلك وجب معاملتها نفس المعاملة وهى ان يجلب عامل المشرحة منشاره و يشقها نصفين ثم ينقعها فى الفورمالين كى يتعلم سواى و سواى وسواى ان الجثث سواء.هذا منطقى. لقد قلت لأمى يا ماما المنطق هو ان اضع لحمة مفرومة و بصل و ملح و فلفل و بقدونس معاً فاجد كفتة فى النهاية ، المجتمع لا يعطينى كفتة على الاطلاق ، لا يخرج نتيجة منطقية من معطيات منطقية على الاطلاق ،ربما يتصور المجتمع و من حولى انه من الممكن استغفالى، ربما ان تسقينى انت او هم جرعة من دواء مر مقزز بغيض الى نفسى، لهذا انا ساخطة ، و لكننى لم انعزل و العن سلسفينه بعد و اتصور اننى افضل منه ، ربما انا اسوأ، من يدرى ، ربما يضعوننى يوماً فى سلة البهائيين و الشيعة و المثليين و نصبح كلنا (شواذ) و ربما يضعوننى فى سلة الأرثذوكس و المحافظين و المدافعين عن اخلاق القرية زى اللرحمه السادات و نصبح كلنا (غير تقدميين) وربما انتحر و اعود للأرض مختلطة بالسباخ البلدى الجميل.

لأن ماما تعرف أكثر.

لماذا تحب الفتيات فيلم Tangled  لهذه الدرجة ؟
عندما شاهدت الفيلم كنت فى مرحلة حرجة فى حياتى  أحب أن أسميها( ما قبل الصدمة) أو (ما قبل المصالحة) وهما ذات الشئ ، فأنت تتصادم بعنف مع نفسك و قد يقتل أحدكما الآخر أو تتصالحان. و أقول ان الفيلم لمس شيئاً بداخلى بعمق ، كنت فى الثانية و العشرين من عمرى ، فتاة بالغة تجد أن من الطبيعى جداً أن تشعر ، كما شعرت ملايين الفتيات فى مجتمعى ، إنهن الأميرة حبيسة البرج التى تنتظر اللص ذو القلب الطيب كى يحررها . كان هذا الحل الوحيد للمعضلة التى تعيشها فتيات مجتمعى ، هى أن تبقى فى ترددها إلى أن تخرج بالصدفة ، بالحظ ، وأن يأتى رجل صاحب تجربة عميقة كى يقودها عبر الحياة و تعرف من خلاله انها اميرة –و امرأة-ليست فقط طفلة حبيسة برج بغرض حمايتها ، و تتمنى فى داخلها ان تكتشف ان هؤلاء الناس لا يحبونها بالفعل كى تجد مبرراً لإيذائهم. الفيلم كغيره من الافلام الغربية ممتع فى كل شئ ، يستطيع بالامتاع ان يجعلك تغض الطرف عن السقطات المنطقية و الاخلاقية فيه ، و عن وجود احتمالات اخرى لأن تكون المرأة التى حبست (ريبانزل) هى امرأة شريرة بالضرورة .وهى كيفية معالجة جميع مشاكلهم فى الأفلام السطحية-الأكثر إنتشاراً للأسف رغم وجود اتجاه للجدية فى السينما ، الا انه من السهل جداً ان تجد شخصاً يستحق ان توجه بندقيتك نحوه و تطلق الرصاص،وهى النقطة التى لفت اخى نظرى اليها ، انه تلك الحضارة مبنية من بدايتها على النفعية و التخلص الكامل من  القديم بمنتهى القسوة، و لابد لكى يحدث ذلك الا يكون هناك اى نوع من التعاطف مع القديم ، وان تتم شيطنته بالكامل .
زمان ، فى مراهقتى كنت أستطيع شيطنة الجميع بإمتياز . كذا علمتنى قصص الاميرات التى تكشف فيها ريبانزل ان المرأة التى كانت تدعى انها والدتها تستغلها ، فتفقد كل تعاطف معها و تؤذيها بشدة تلقائياً و بدون تردد او صراع مع الذات او استعادة ذكريات جيدة .كذا علمتنى قصص الأميرات التى تلقن الأطفال حكمة أن الجمال هو أهم شئ فى الوجود ، يقتتل الناس من أجله و يختار الأمير الأميرة لأنها أجمل من فى الحفلة .الشيطنة تمكنك ببساطة من الإيذاء..من اصدار الاحكام بل و تنفيذها دون مناقشة ولا تفكير. هذا شئ يستطيعه كثيرون ولا استطيعه انا ، سمه جبن او تردد او تخاذل او نبل او ذكاء او غباء ، سمه ما شئت، سمه وسطية سمه ملوخية ، انا لا استطيع ان افعل هذا .وهى لعمرى مأساة جيل كامل ، متردداً ساذجاً .
أما الآن فهناك مليون جانب لكل قصة و كل شخصية –كعالم نجيب محفوظ ! ان الجميع يخضعون للتقاليد و تخضع لهم بالمثل .التعاسة و الحزن والصدمة التى تصيب أهلك حين تخذلهم أو تكسر تابوهاً هى تعاسة حقيقية و صدمة حقيقية قد تقضى عليهم بالفعل .يشعرون أن من البديهيات أن تمشى على خطاهم و أن تؤمن بما يؤمنون ليس تجبراً منهم بل هو شئ خارج عن إرادتهم بالفعل..شئ فى عقولهم الباطنة .فى كيانهم ووجدانهم و وجدان المجتمع كله بل وجداننا أيضاً و لم نتخلص منه رغم جميع إدعاءاتنا بالتحرر . حتى تلك الرعاية الفائقة مرهونة بخضوعك لكل هذا.بل الأسوأ ،انه من الممكن أن يتم ايذاءك ايضاً فى حالة عدم خضوعك لكل هذا.
معلقون فى الهواء بين فضيلة مزيفة و رذيلة مزيفة ولا شئ كامل .واقع مجهض. أمل مجهض. حلم مجهض. خيال مجهض .دوران مستمر .صخرة تتدحرج فوق الجبل و تهبط لحظة وصولها القمة . لا ألومهم، فهم مازالوا فى حقبة الشيطنة إياها :هناك إنسان شرير و إنسان طيب-هم بالضرورة الطيبون. أى نوع من التفاهم يخرج من هذا الموقف ؟ لقد وجد الغربيون حلاً سهلاً هو ان تتناسى كل شئ و ان تشق طريقك بعيداً متجاهلاً مشاعر الجميع وان تجعل منهم اشراراً فى عقلك و افلامك و اعلامك و مجتمعك و تربيتك، ثم ترتد اليهم عندما تصيبك ازمة منتصف العمر وحيداً لأنك تخاف من ان يفعل بك اطفالك نفس الشئ فلم تنجبهم ،او لأن اطفالك فعلوا بك نفس الشئ بالفعل ،اى بقعة فى العالم لا تعيش فى هذا العبث ؟


الأربعاء، 14 أغسطس 2013

المزمور الذى لم يكتبه الملك

حبيبى داوود.
أنت لست ككل واحد آخر.
إبق معى و إنشد لى حتى مغيب الشمس.
**
حين تسقط فتوة الشمس كلها فى البحر..ببطء قدرى.
ضوء الغروب البرتقالى –المرحلة البرتقالية كما أحب أن أسميها – على وجهه الحبيب . تتحول عيناه البنيتان إلى لون شهى للنظر، كما أحب أن أدعوهما دائماً فى خواطرى: لُجتى عسل.نصف وجهه تضيئه الشمس التى تخلت عن فتوتها و النصف الآخر فى الظل . شفتيه الممتلئتين الحلوتين كشفاه الأطفال تنفرجان عن إبتسامة صغيرة عابثة دافئة .
ملجأنا الهادئ مفعم بالسلام و رائحة البحر.يلعب ألعاباً صبيانية من ألعاب المدرسة مع صديقه . يتحرك ، يقطب ، يتكلم ، يضحك ، يأكل، ينثر رائحته الفاتنة فى مجال جسده، يحيط الضوء البرتقالى بوجهه.
كيف أمنع نفسى من الإنصهار ؟
**
و كيف أمنع أى شئ ؟
كنت أعرف يا حبيبى داوود أنك سوف تراها .
 على سطح بيتها خرجت بثشبع الجميلة تستحم.وأنت ، بقلبك الفتى رغم سنك ، مازلت تميل .كنت أعرف أنك سوف تتأمل تفاصيل جسدها البض الملئ بالشباب . و أنك سوف تشتهيها .و إننى سوف أتبخر من ذهنك تلك اللحظة تحديداً..تتبخر كل مزاميرك و كل أنشودة أنشدتها لى .
**
وكل كلمات الحب ..جميعها !
أكون فوق السحاب ثم أطفو..ثم أسقط على جذور رقبتى .
ذلك الخاطر الذى يمزقنى فى طريقنا للبيت وأنا أتأمل صورته فى مرآة السيارة.هل من الضرورى أن اترجل..وأن أصافحه..و أن أخرج من دائرته المغناطيسية القاتلة ، وأن أغرق فى التفكير فى ضوء العصر الذى أصبح حكراً عليه بوضع اليد.
كم أريد أن يأتينى يوماً فأنزع ثيابه و أغسله  بعناية ..كأنه إبنى عاد من مباراة كرة قدم ملوث بالوحل.كأنه إبنى .كأنه جاء من رحمى .من أحشائى التى تضطرب لأجل كل شئ يمسّه.أن أدثره بفوطة دافئة و أن أخذ جسده الندى إلى حضنى فأنيمه حتى الصباح و أدفن رأسى المكدود المنهك فى خصلات شعره المبتلة  .
**
مبتلة.. كوسائدك يوم مات صغيرك !
قتلت طفل بثشبع ! نعم .أنا  قتلته.
 ليال لم تدر عنها شيئاً . ليال لم تدر عنها شيئاً يا داوود.
أتأمل فيها الفراغ. أهيم فيها فى فضاء لا تُدركه. أراك تتأمل قيثارك من بعيد ثم تأمر خدمك أن يخفوه عن ناظريك.أنا حاضر . أنا موجود. دمائى تملأ بهو قصرك  و تنشع بها الحوائط الشامخة. أودعتنى الهيكل حيث يخشوننى و يموتون هلعاً من سيرتى !
أنا قتلت طفل بثشبع.
أنا قتلت طفل.
أنا أحبك.
**
نعم. أحبك.
و كم هو ثقيل هذا الحب المفعم بالتبرم و الإحتياج و الغيرة و الأنانية .
**




الأربعاء، 26 يونيو 2013

الهروب من درب التبانة

أنا معترض على الوضع ده .
قالها فجأة. كنت أعرف ما يتحدث عنه لكننى أعجز عن وصفه . أعجز عن تقنينه . أعجز عن حصره . صحت بدورى فى حماسة : أنا كمان معترضة . أنا كمان .
جاء صوتها :"على ايه ؟ "
نظرت اليها.فى ضوء شاحب من بقايا نهار تأملتها ملياً .كل يوم أنتظر أن تأتى فتبعث بشبحها أو قرينتها فى عالم الجن .أظل أنتظرها و لكن اليأس بدأ يطالنى . كلنا ننتظر شيئاً ما . و لكننى لم تعد لدى الطاقة كى أبرر لكل إنسان كل شئ  ، أن أنبطح و أن أنتظر أن تتحول الأشياء لصالحى بالتجاهل أو المراوغة أو التلميح . هذا غباء و ضعف .أبديت إعتراض وقح عليها لم أكن لأفعله قبلاً. كأساً مترعاً بالمرارة هذا الذى أتجرعه و أجرعهم جميعاً منه: أنا أشارك طاقتى السلبية بكفاءة دائماً!
-شكلك رقاصة .
هو أول مثال جاء فى ذهنى .كان هذا ما أراه . ربما أيضاً أرى شبه  قالب  فتاة من فتيات وسط البلد ، ربما لو شققتها بإزميل و أخرجتها من هذا القالب أجدها فى داخله عارية تسبح فى سائلها الأمينى كالأجنة  و يسبح شعرها فى السائل  و يحيط بوجهها الوردى فى هالة من الضوء .
-شكلك رقاصة فشخ .
كنت مازلت تحت وقع صدمة أكثر الجمل وقاحة التى سمعتها فى حياتى : فتاة تقول ان اخاها (معر*) لأنه غير متفتح لكنه يعرف بما تفعل ولا يعترض ، و الجدير بالذكر انها كانت تقول هذا وهى تتناول الحشيش مع صديق. يا للوسخ ! شعرت فجأة بيد حديدية تعتصر رئتى نظرت إلى وجوههم جميعاً و الشك يمزقنى ، هل ترون ما تراه تلك الفتاة ؟
 تأملتها تفعل ما تفعله بنفس الطريقة كل يوم . ترى ماذا يقولون عن أبى ، و أباك ؟ عن أخى ، عن جيراننا ، عننا ؟ هل يروننا كما نراهم أم إننا كما نحن فى عيون الكل : فروجاً تنتظر ! شردت فى ضوء القمر الشاحب و نظرات الشباب فى المناضد المحيطة و توترت أصابعى الى كانت تسترخى فى كف حبيب.
عندما إقترب موعد الرحيل نهشنى الحنين فقبلتها و شعرت بتخوف من أرى فى عينيها تلك النظرة، انها تعود من عالم الجن دائماً فى لحظات وداعنا .صاح من مكانه : أنا ضد الوضع ده ! صحت من مكانى خارج القهوة عبر الخشب المتشابك: وأنا كمان معترضة ! معترضة جداً !
**
فى ظهر ذلك اليوم كان يتصور انه يقتحم مساحة محرمة من تفكيرى و فوجئ اننى لا اخفى عن نفسى شيئاً . كأس المرارة إياه يتأرجح أمامى.إبتسمت فى خزى و قلت له : انت عارف..بعيداً عن المشاكل الكبيرة و المسئوليات اللى كانت عليك و عليا فى الفترة دى..أنا إتفشخت .
-وأنا كمان .
شربت ثمالة القهوة و رفعت الفنجان أمامه كأننى أقول: فى صحة الفشخ المشترك .
**
بقيت على شئ من التوتر . كنت أريد الإسترخاء فألححت على حبيبى الصغير حتى ضجر .وقتها تعريت أمام نفسى جداً : لماذا تلحين عليه بهذا الشكل ؟ أى مراهقة التبستك ؟ كيف تسمحين لمخاوفك و توترك و رغباتك  ان يصيبوه بهذا الغم الجسيم ؟ لقد شعر –بغبائى- بسوء نحو نفسه كأنه لا يرضينى. ندمت كما لم أندم. لقد تعلمت شيئاً جديداً : الإبتزاز-الإختزال يساويان الإبتذال .الهوس . التجريد المُهين .
عندما كان لابد أن نفترق قرب شارعى وقفت لحظة أربط حذائى و كان لابد أن أقولها.كانت الحرارة تتصاعد و تملأ قفصى الصدرى و كان لابد أن أقولها. همست فى أذنه: أنا بحبك أوى.
لن أنسى أبداً إبتسامته ساعتها. عندما كان يقول لى : احب الأيام القديمة و أفتقدها كنت أفهمه لكننى إرضاء لذاتى كنت أريد الجمع بين كل شئ أريده.شعرت بكل شئ يريد أن يقوله و كل شئ أريد أن أقوله فى قبضته على يدى.محباً متملكاً زمام قلبى و هذا حسبى .كنت أتكلم معهم جميعاً و عقلى مشغول بملمس يده التى تحيط يدى. بحركاته الرقيقة الغير ملحوظة خلف شرشف المنضدة فوق أصابعى المستقرة فى كفه . شعرت ، و الندم يغمرنى على اثم ابتذال علاقتنا الى حد اذيته نفسياً ، كأن الأفق إنشق و خرج منه شعاع نور . إنه قوس قزح يعد بعهد بألا يأتى طوفان آخر .كنت أحسب إن علاقتنا هى تلك الطبقة المضيئة التى تغلفنا ، و إتضح ان هناك أكثر. و بدايات أكثر.و شعور أعمق و أشد لذة و إنتماء.
فى تلك اللحظة قرب شارعنا تبخرت كل الأشباح .


السبت، 25 مايو 2013

على


يا للوغد المحظوظ . فاطمة تنتظرك و كلنا ننتظرك للنهاية . حتى تستنفذ كل شئ ، ثم نفتح لك أحضاننا .
قلب ابراهيم الطفلالأحمق- البعيد كل البُعد عن الخير و العدالة ، الذى يحابى لمن يحب بغض النظر عن جرمه ، قلبى الغبى  الوسخ الداعر ،فتح ذراعيه عندما لمح تعاسة فى عينيك .
قلب إبراهيم الأهبل لم يعد صدرى يطيقه . لقد كبرت فى أربعة أيام مالم أكبره فى أربعة أعوام . أعتقد ان جزء منى شاب إحباطاً و حزناً و خذلاناً..إبراهيم يقول لك مرة أخرى : أتمنى ان تعوض فاطمة المسكينة ولو جزء من كرهى لك . إبراهيم الأهبل يقول كل هذا ثم يندفع الى حضنك و ينفجر فى البكاء و يسمح لك ان تربت عليه و ان تقبل جبينه .إبراهيم أسير محبتك و أبويتك يركل التراب كأنه يركلك و ينظر فى الأرض إذ يراك .
دفنت بضعفى الخُراج المستعر . كيف  يسقطك من مكانتك الشامخة مخيلته  و قلبه و وجدانه بعدما سقطت فى الواقع؟ لماذا يعجز إبراهيم الأهبل  الذى فى داخلى عن فعل هذا ؟ لماذا ؟! كيف و متى سمح لك ان تتسلط عليه بهذه الصورة ؟ لقد كنت بطله و لم تعُد لماذا لا يتنصل منك كما تنصلت منه و من الكُل ؟
شيئاً ما انكسر بعنف و لم يعد كما كان . وأنا ، لست كفاطمة . كم فاطمة خلفتوسوف تُخلف-ورائك ؟ إبراهيم قد يكون أهبل ، و قد يكون مراهق ، لكنه ليس بلا انسانية ولا كرامة ولا غضب .إبراهيم كحيوان جريح ، كغزال مصاب بسهم ينزف دمه طول الطريق لكنه سوف  يصل إلى الجدول حيث يغسل جروحه كلها و يعود الى حبيبته نظيفاً دون ان يلوثها بكل هذا الدماء . دون ان يجرحها بظلك المزعج فى عينيه و الأسى فى صوته حين ترد سيرتك .
الآن بات على إبراهيم الصغير الرحيل و الاستكانة فى حضن حبيبته و مغادرة ذلك المستنقع . بات عليه ان يهجرك و يهجر الكُل  وان يستسلم لقبلات تفيدة الحبيبة وقت الغروب. ان يتوقف عن الدفاع عنك ، عن التبرير لك ، عن اعتبار هزائمك نصراً و انانيتك عُمقاً و بُعد نظر .
عوداً حميداً يا على . المطبلاتية ينتظرون فتوحاتك المجيدة و موقعك فى صف الإنتهازيين ينتظرك منذ الميلاد،من الخير أنك لم تخذلهم جميعاً كما خذلتنى .
ما قيمة إبراهيم الأهبل أمام كل هذا المجد ؟

       "يمكن فاطمة بحبها تقدر تعوض ولو جزء من كرهنا ليك "