الجمعة، 2 سبتمبر 2011

من وحى الجيوب الانفية..


يبدو اننى سأمرض.
اترنح ارهاقاً.
بعد كل خلاف فى وجهات النظر مع اهلى،و انهزامى هزيمة لم ينهزمها بونابارت فى ووترلو،شعرت بانكسار داخلى،و احساس بذل و جبن و خذلان اشبه بذلك الذى يشعر به الخارج من معتقلات مبارك أيام العز،و أحمد عز.
هذا هو النظام الأبوى يا أعزائى،فى ابسط صوره او اين زا سيمبليست فورم،انه ليس بابا حسنى،انه بابا فقط و ما حسنى الا لقب التصق بالرجل بعد ولادته. كنت امتلك كتكوتاً أضعه فى كارتونة،اعد له الطعام و ادلله و انظفه،لكن أول شئ فعله عندما اشتد جسده و تحول ديكاً هو أن قفز خارج الكارتونة و ركض كالمخبول فى صالة جدتى،لا أعرف لماذا غضبت جداً مما فعل،لا اعرف لماذا اعدته الى الكرتونة بالقوة فى كل مرة،لا أعرف لماذا كرهته قليلاً،و غضضت الطرف عن يوم ذبحوه و عملوا عليه ملوخية.
لماذا تذكرت تلك الحكاية الآن؟ طبعاً العلاقة بينى و بين أهلى أعقد و اكثر انسانية من علاقتى بالكتكوت،وانهم مهما غلبوا فى محاولات أعادتى للكرتونة فإنهم لن يعملوا على ملوخية ابداً،لكن الشبه موجود،الغضب من حرية الكتكوت الذى كبر ولم يعد كتكوتاً،و اراد الخروج من الكرتونة و الحدود المرسومة،رغم كل ما قدمته من عناية.
*******************************
أشعر بالخواء بعد ان بدأت أشعر بالأمتلاء.وبعد ان تنشقت نسيم الحرية و حلاوة ان تكون صائعاً ضائعاً بلا شغلة ولا مشغلة،ليومين فقط،و نظفت غرفتى بضمير و بهجة،و رصصت كتبى اللعينة فى درج خفى كى لا أراها،و تفسحت دون هم،ثم شعروا اننى خرجت عن السيطرة بسرورى و نسائم حريتى،وان هناك حدوداً للانبساط تقف عندها البنت المؤدبة،فهى لا تنبسط اكثر من اللازم لأنه عيب.ماشى،انتم ترونه عيباً وهذا لا يجعله عيباً،لكننى ساخضع كالعادة،و كما يقولون (هاعدى جيشى على خير).
*********************************
قرأت فى أيام حبسى الإنفرادى الاختيارى نصف باب الشمس جرعة واحدة،وهى جرعة عالية جداً لمن يعرف تلك الرواية،الآن أشعر برغبة عميقة فى التوليع فى سفارة اسرائيل و اسرائيل نفسها بجاز.وان كنت معادية لإسرائيل قيراط قبل باب الشمس فأنا الآن اتاجر فى معاداة اسرائيل من شدة ما هى مرطرطة فى اعماقى.
*********************************
لقد كنت أقرأ فى فلسفة الوجود أيام الامتحانات،و اصبت بهبل،تحول توترى و رعبى من الامتحانات الى هبل صريح،و اخذت ارد الأشياء الى أصلها،لماذا نمتحن..ومن اعطى الممتحن حق امتحانى..ومن أعطى من اعطاه شهادته العلمية حق اعطائه شهادته العلمية،وهل مقياس الكفاءة هو مزاج الممتحن،لنفرض ان الممتحن كان متنكداً او واكلاً لحلة محشى كرنب،من أعطاه الحق و الفرصة فى ان يمحن من يمتحننى وهو واكلاً لمحشى الكرنب؟ انا أحب فلسفة الوجود،لغط و سفسطة لا نهاية ولا قرار لهما،لكننى اعشقها،و العشق يجلب العذاب دائماً.
اذن لماذا نمتنع عن اشياء منطقية جداً..التقاليد؟ من اصطكها..ومن اين جاءت..انا اعرف جيداً ان الناس تتخلص من التقاليد عند عتبة الخروج،و يستقوون بالحياة فى الخارج او بالفلوس التى تحميهم،تحميهم من ماذا؟ كلام الناس.اى ناس؟ نفس الناس الذين يخلعون التقاليد كالجزمة عندما يهربون من هذا المجتمع.اذن اين المنطق؟ ناس يمثلون على بعضهم تمثيلية الأخلاق،وهم جميعاً لا يؤمنون بها،اذن لماذا يستمرون؟ و ما الدافع؟
لماذا نستمر فيما لا نفهم؟ لا اعرف.ولماذا لا نرد الأشياء الى اصلها؟ لا اعرف.
قالوا لى،اننا لو رددنا كل شئ الى اصله لعدنا الى الجنة و غدوناً شعباً من البلابيص و نستريح.
قلت لنفسى،اننا لن نعود الى الجنة أبداً طالما نحن نرى اننا عراة،فلا أحد يعود الى الجنة الا غافلاً عن العرى !! ولا أحد يغير التقليد سوى شخص يؤمن بذلك حقاً،دون أى رغبات خفية تتلاعب خلف ذلك،وإلا سيتحول التحرر من التقليد الى فجور حقيقى،كما حدث فى الغرب،و أصبح مثلاً البديل عن عدم الالتزام بالعذرية هو الالتزام بعدم العذرية! تطرف فكرى و جنون لا آخر له.
انا اريد الحياة فى جنة عدن،و اريد تسمية الحيوانات بأسمائها من جديد،و اريد كل شئ على مزاجى،وان اصبح آدم،لكننى اتذكر ان آدم نفسه الذى اسمى الحيوانات و كان كل شئ على مزاجه،رسم سقوطه بنفسه و بمفرداته و بمزاجه ايضاً!
هل التقاليد تحمى؟ لا أعرف.انها لا فائدة لها سوى تنغيص حياتنا جداً،لكننى ان انكرت انها تقدم مظلة من الحماية للاخلاق العامة،فاكون مفترية جداً،لأننا بالفعل نخاف منختشيش.اينعم الحماية ظاهرية و غير كاملة و تخفى تحتها بركة من القذارة،لكننى انظر الى التجربة الغربية،و ارتعب جداً،و أقول كده احسن.نخاف احسن ما نضيع.ثم اغضب من نفسى بسبب تلك الانهزامية.
وهل الخوف يصنع انساناً سوياً يعرف الصح من الغلط كما كان يراد له ان يكون؟ هل هكذا نرضى عن نفسنا كبنى آدمين؟
دخيلك! شلون يعنى يا زلمى!
******************************
أغلقت اذنى و عينى عن السياسة،لأننى تعبت،تعبت من كل شئ،تعبت من كم الكذب و الدنس و القرف و المصالح الخفية،والناس التى تتلاعب بالدين بوقاحة لم ارها فى قواد! لا أريد ان أرى ولا أن اسمع،اعيش تقريباً فى الماضى و الماضى العربى غير مشرف ولا مرض،وكانت خاتمة السيمفونية هى رواية الياس خورى،التى اشعرتنى انه لا أمل هنالك،و شعرت بمدى عبقرية خالد يوسف فى المشهد الختامى لفيلم (الريس عمر حرب) عندما قال للبطل :انت رايح فين..العالم ده كله بتاعى. وانتصر الشيطان الامبريالى و اصبحنا كلنا اراجوزات.تعبت جداً.و اسرائيل علمت على قفانا،ذكرتنى بنادية الجندى فى فيلم الباطنية-وفى جميع افلامها الصراحة- عندما كانت تذل رجالة بشنبات بالاغواء،حتى امتلكت القوة و اصبحت تذلهم بالقوة،صلاة النبى احسن.لقد تبهدلنا من القوى العالمية كما لم تتبهدل ولية مطلقة وعيالها،ولم نكتف من البهدلة فبهدلنا انفسنا ايضاً!
******************************
بعد ان استمعت الى مقطوعة لباخ معزوفة على الكمان،احسست بالضآلة و العته،قلت لنفسى اننى لو تمرنت ألف سنة لن اصبح بتلك العذوبة،هل اجهض المشروع من بدايته؟
كانت الاجابة هو اننى ضربت نفسى بالقفا،و سمعت تلك الصرخة فى ردهات عقلى "يا حيوانة يا معدومة الاحساس،انتى نفسك تتعلمى فيولين من وانتى صغيرة،هل نجهض احلام الطفولة عندما تصبح ممكنة!!"
كدت ارد ببيت من قصيدة كئيبة عن عاشق كان فقيراً و حلم بشراء فستان لحبيبته ولم يمتلك ثمنه،وعندما امتلك ثمنه لم تكن حبيبته هناك.رد عقلى الباطن بسبة لا داعى لذكرها،هزمت امام البذاءة و رفعت الراية البيضاء.
ماشى،ماشى يا عقلى الباطن،احنا آسفين يا صلاح.
لنتعلم ابجدية الموسيقا واللى يحصل يحصل،انا مش المطلوب منى ابقى ياسر عبد الرحمن يعنى.
**************************
يبدو اننى سأمرض جداً،ويبدو انها الجيوب الانفية فعلاً

هناك تعليقان (2):

  1. معنديش تعليق محدد للأسف بس حابب أقول أني مستمتع جداً بأسلوبك في الكتابة

    ردحذف
  2. دى حاجة انا افخر بيها جداً :):)
    بعدين متاخدش فى بالك،ده انا شخصياً مبعرفش اعلق على هرتلتى :D:

    ردحذف