الاثنين، 4 نوفمبر 2013

Requiem

اتهشم.
و طعم الويسكى سيئ جداً ..جداً.
انا لا آكل ،الذى أفعله ليس التهاماً، أنا اسد شعوراً وحشياً فى امعائى. لا امضغ حتى.
اصبت بغثيان.أليس الغثيان أفضل من غثيان النفس..أفضل من شعورى بالإشمئزاز من نفسى ؟ خطأ..خطأ. غثيان الجسد ضعف لا مثيل له..هشاشة و عُرضة للموت و المرض.
تمددت على الأريكة ، سجيت نفسى فى حضنها لا أعرف ماذا ينبغى على أن أفعل.لابد أن اعود للبيت ، وأنا لا استطيع أن انهض على قدمى .
 شعور سيئ جداً لا أريد تجربته مرة أخرى . أى خراء فى العالم أفضل من الشعور بفقدان الحيلة و الدوخة و الرغبة فى القئ و الإستسلام. كأننى ، دون كحول ، كان ينقصنى دافعاً آخر كى أستسلم.
قلت لها: الإستسلام شئ إرادى..ربما ما يدفعك إليه أكثر من اللازم، لكن هناك حد فاصل صغير بين الموت و الحياة ، بين تلك الثانية التى تخترق فيها الرصاصة جمجمتك و ما قبلها..هناك حد فاصل بين الانهيار التام و الانتصار التام. لكن دعينى اخبرك بشئ . أن تؤذين نفسك هو ان تخسرى كل شئ. أن يبدأ جسدك فى التمرد على غباءك الشديد ، و يبدأ فى الشكوى ، و تبدأ معدتك و أمعائك فى الهدير بعنف صارخة فى وجهك.
نظرت الى وجهى..ارهاق قاتل . اننى اقوم بمخاطرات جسيمة بجسدى من أجل أشياء أخرى.لماذا أؤذى نفسى دائماً حين يشتد إرهاق روحى ؟  لماذا فعلت هذا؟
**
حتى الرب الإله يحتجب كالعادة.ظلام لا نهاية له.سوف اقول انك تحتجب كما تحتجب دائماً. أبحث عنه فلا أجده.
هيكلك الذى لى يصرخ اليك يا الله . اتكور على نفسى فى الفراش. الم أحشائى لا يحتمل و شعور بالعجز و التعاسة.شعور بالكراهية يكتنفنى.أشعر كطفل تركوه فى مهده وحده، ينادى أشخاص غير موجودين. أدفن وجهى الساخن فى الوسادة.
قال لى اليوم السابق: الحنجرة البشرية لديها روحاً خاصة بها..لا شئ يشبهها .ذلك حين كان الأرغن فى تلك الكاتدرائية العريقة يملأ الهواء بضوضاء منغمة.تعلقت بذراعه و شعرت ان نغمات الارغن تثير اعصابى..انها تصرخ بعنف جنائزى ، كأنها تأمرنى أن افلت يده. لهذا رحبت باقتراحه ان نرحل رغم ان الموسيقا كانت تجذبنى الى بئر مظلمة مريحة.اتكون تلك الآلام جميعاً هى الروح التى تسكن الحنجرة و اذرع العشاق و عيونهم و شفاهم ؟ هل كانت تلك الكوة التى تنادينى هى كوة الموت؟
يكلمنى، لا يطيق ان يكلمنى ، ربما لأننى تهشمت جداً و ان ضعفى يثير اشمئزازه؟ تتصاعد الحرارة فى رأسى، تتصاعد الكراهية كدخان أسود. أتشبث بهدب ثيابه. هو لا يفهم اننى اتشبث به لأننى لا أريد أن تخرج روحه منى. إننى حرفياً أنازع..اموت. جزء من روحى ينفصل عنى وأنا اتشبث به . لأنه حين ينفصل عنى فلن يعود. جسدى يعبر عن رفضه للموت .سوف أكون قاسية جداً ساخرة جداً عندما تنفصل روحه عنى .وأنا لا اريد ان اقسو عليه ولا ان اضايقه ولا ان امسه بأدنى سوء . هو صغيرى و الطيور لا تنتقم من صغارها .
**
المثير للشفقة و السخرية ان نهاية العالم تجعل من نوستراديموس عرافاً. إن صدق نبوءات عن انفصال تراجيدى يصيبنى ببؤس حقيقى . لقد كنت أؤمن و كنت أصدق و كنت أرجو.كلنا فانون ، ولا يعنى هذا اننى لن اقوم بانعاش انسان لمنحه ساعة اخرى من الحياة.كان الجميع ملحدون بما كان بيننا إلا أنا..انا أؤمن.أؤمن.
حرارتى ترتفع .افقد وعيى ، هذا ليس نوماً ، هذه غيبوبة . افقد الوعى بضع ساعات ثم استيقظ فزعة. الم معدتى يخفت.قداس موتسارت الجنائزى لا يتوقف داخل عقلى. حتى فى اعتى لحظات فقدان الوعى . فى نومى .أحلم به يأخذنى..يعيدنى اليه. يضمنى ..يقبلنى .
استيقظ دون أى شعور. كأننى أشعر بالراحة اننى استيقظت. اشعر كأننى خرجت من معركة .ابقى طيلة الليل استمع الى موسيقا..و اشعر بنشوة غريبة .أغفو فى الصباح و صوت العصافير يزيد رغبتى فى الالتحاف و الغياب عن الكون .
إننى أموت و أرحب بذلك. إن معدتى تبرأ، وهذا هو المهم .
أنا لا أؤمن بالروح كى أؤمن بموتها حتى إن كنت أشعر بعنف هذا الموت .



هناك تعليق واحد:

  1. ( يطيق ان يكلمنى ، ربما لأننى تهشمت جداً و ان ضعفى يثير اشمئزازه؟) هكذا يفعل بنا من نحبهم دائما ...ولا أعرف لذلك سبب ...

    تحياتي للكلام الراقي المعبّر

    ردحذف